القاهرة (خاص عن مصر)- على الرغم من كونها أكبر منتج للنفط في أفريقيا وأكثرها سكانًا، تواجه نيجيريا واحدة من أشد أزمات الجوع في العالم.

بحسب تليجراف، وفقًا للأمم المتحدة، يعاني حوالي 32 مليون نيجيري – 14٪ من سكانها البالغ عددهم 235 مليون نسمة – من انعدام الأمن الغذائي.

في المنطقة الشمالية الغربية من ولاية زامفارا، تتجلى شدة هذه الأزمة على وجوه الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، مثل رحيلة البالغة من العمر شهرين، والتي تتأرجح على حافة البقاء على قيد الحياة في قصر مهجور تم تحويله إلى مأوى للاجئين.

تكافح والدة رحيلة، بشيريا، البالغة من العمر 20 عامًا والتي نزحت بسبب العنف، لتوفير احتياجات أسرتها يكسب زوجها 500 نيرة (حوالي 25 بنسًا) يوميًا كعامل بناء، وهو ما يكفي بالكاد لشراء حفنة من السباغيتي.

إن قصصاً مثل قصصهم تؤكد على المفارقة بين الثروة الهائلة التي تتمتع بها نيجيريا وفشلها في حماية مواطنيها من الفقر وسوء التغذية.

الفشل البنيوي والسياسات الاقتصادية

لقد تعطلت الإمكانات الاقتصادية في نيجيريا بسبب سوء الإدارة والفساد والسياسات الخاطئة. وقد أدت الإصلاحات الأخيرة التي أجراها الرئيس بولا تينوبو، بما في ذلك إزالة دعم البنزين الذي دام عقوداً من الزمان وخفض قيمة العملة، إلى تفاقم أزمة تكاليف المعيشة.

فقد تضاعفت تكاليف النقل بين عشية وضحاها، وارتفعت معدلات التضخم، وانخفضت القوة الشرائية للنيرة، الأمر الذي ترك الملايين في فقر أعمق.

وفي حين يدعم البنك الدولي هذه الإصلاحات باعتبارها ضرورية للنمو الاقتصادي، فإن النتائج لم تتحقق بعد. فقد انخفض اقتصاد نيجيريا إلى المرتبة الرابعة من حيث الحجم في أفريقيا، بعد جنوب أفريقيا ومصر والجزائر.

ينتقد خبراء مثل البروفيسور ديفيد لوك من كلية لندن للاقتصاد الافتقار إلى شبكات الأمان الاجتماعي، ويصفون الإدارة الاقتصادية للحكومة بأنها “مزرية”.

اقرأ أيضا.. رغم الضربات الروسية.. بريطانيا تدرس نقل تدريب الجنود الأوكرانيين إلى كييف

المجتمعات الريفية محاصرة باللصوصية

في المناطق الريفية، وخاصة في الشمال الغربي، يؤدي انعدام الأمن إلى تفاقم أزمة الجوع. حيث تهاجم العصابات المسلحة، التي يشار إليها غالبًا باسم قطاع الطرق، المجتمعات الزراعية بشكل روتيني، وتحرق المحاصيل، وتبتز “الضرائب”، وتهجر قرى بأكملها.

شكل المزارعون مثل ساني عليو وأمينو لاوال مجموعات حراسة للدفاع عن أنفسهم، لكنهم ما زالوا أقل تسليحًا من قطاع الطرق المسلحين بأسلحة متطورة يتم تهريبها من البلدان المجاورة.

تنتشر عمليات الاختطاف، حيث تُجبر المجتمعات على دفع فدية باهظة. يروي الضحايا حكايات مروعة عن العمل القسري والعنف الجنسي والإرهاب المستمر. إن الافتقار إلى التدخل الحكومي يجعل هذه المجتمعات عُرضة للخطر ويساهم في تعميق الأزمة الإنسانية.

النساء والأطفال يتحملون العبء الأكبر

تتأثر النساء والأطفال بشكل غير متناسب بالأزمة. وبحسب برنامج الغذاء العالمي، فإن 5.4 مليون طفل و800 ألف امرأة حامل أو مرضعة معرضون لخطر سوء التغذية الذي يهدد حياتهم.

تفيد منظمة أطباء بلا حدود الخيرية الطبية بزيادة بنسبة 20% في حالات سوء التغذية مقارنة بالعام السابق في شمال غرب نيجيريا. وفي غياب التدخل العاجل، يحذر الخبراء من “وفاة الأطفال بأعداد قياسية”.

بالنسبة للبعض، أدى اليأس إلى ممارسة البغاء. فقد لجأت سابارا، البالغة من العمر 27 عاما من مدينة كاتسينا، إلى العمل الجنسي لإطعام نفسها، حيث تكسب 1000 نيرة فقط (47 بنسًا) يوميًا. وتقول: “أريد أن أبدأ حياة جديدة”، في صدى لمشاعر عدد لا يحصى من الآخرين المحاصرين في حلقة من الفقر وانعدام الأمن.

المناطق الحضرية ليست بمنأى

حتى المراكز الحضرية في نيجيريا، التي كانت تعتبر ذات يوم ملاذات اقتصادية، ليست محصنة ضد الأزمة. فقد أدت أسعار المواد الغذائية المرتفعة إلى تآكل الطبقة المتوسطة، مع انتشار الاحتجاجات والنهب بشكل متزايد. في أبوجا اندلعت أعمال شغب عنيفة عندما قام مواطنون يائسون بمداهمة مخازن الحبوب.

الاستجابة العالمية والدعوة إلى العمل

إن الأزمة المتصاعدة في نيجيريا تتطلب اهتماما دوليا فوريا. ويعزو مسؤولو برنامج الأغذية العالمي الظروف المتدهورة في الشمال الغربي إلى “حريق انعدام الأمن”، الذي يعيق وصول المساعدات الإنسانية.

يصف الدكتور رافائيل كانانجا من منظمة أطباء بلا حدود الوضع بأنه “مرعب”، حيث وصلت معدلات سوء التغذية إلى مستويات حرجة.

ويحذر خبراء مثل الدكتور أوتشي إيغوي من كلية لندن للاقتصاد من أن التضخم القياسي وسوء الإدارة الاقتصادية يعملان على زعزعة استقرار البلاد بسرعة. وما لم يتم اتخاذ إجراءات كبيرة لمعالجة انعدام الأمن والفقر، فإن معاناة الملايين ستستمر بلا هوادة.

أمة عند مفترق طرق

إن الأزمات المزدوجة التي تعيشها نيجيريا من الجوع والعنف تسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى الإصلاح الشامل والدعم الدولي.

ومع تعثر القوة الاقتصادية الأفريقية تحت وطأة انعدام الأمن وعدم المساواة، فإن محنتها بمثابة تذكير صارخ بالتكلفة البشرية للفشل النظامي. ويجب على العالم أن يتحرك بسرعة لمنع المزيد من الخسائر في الأرواح وإعادة الأمل للملايين من الناس المحاصرين في هذه الأزمة المدمرة.




Source link