أظهرت دراسة حديثة أن هناك نمطاً واضحاً يتعلق بالصحة النفسية والشعور بالرفاه النفسي على مدار اليوم، حيث يستيقظ الناس عموماً وهم يشعرون بتحسن، فيما يشعرون بالأسوأ عند منتصف الليل تقريباً.

وأوضحت الدراسة المنشورة في دورية “الجمعية الطبية البريطانية” أن هناك ارتباطاً أيضاً بيوم الأسبوع وفصل السنة، إذ يلعبان دوراً في هذه التقلبات.

وأشارت الدراسة إلى وجود أدلة قوية بشكل خاص على تحسن الصحة العقلية والرفاه النفسي في فصل الصيف.

في مارس 2020، أجرى الباحثون تحليلاً لبيانات من “دراسة جائحة كوفيد-19 (كورونا) الاجتماعية”، واستمرت في مراقبة المشاركين حتى نوفمبر 2021، مع متابعة إضافية حتى مارس 2022.

وشملت الدراسة نحو 50 ألف مشارك تم قياس صحتهم النفسية ورفاهيتهم عبر استبيانات معتمدة.




ووجد الباحثون نمطاً واضحاً في التقلبات اليومية للصحة النفسية، إذ أبلغ المشاركون عن أدنى مستويات في أعراض “الاكتئاب، والقلق، والشعور بالوحدة” بالإضافة إلى أعلى مستويات في “السعادة، والرضا عن الحياة، والشعور بقيمة الحياة في الصباح”.

وفي المقابل، كانت هذه المؤشرات في أسوأ حالاتها عند منتصف الليل.

كما أظهرت النتائج أن يوم الأسبوع يؤثر أيضاً على الحالة النفسية، إذ كانت هناك تقلبات أكبر في الصحة النفسية خلال عطلة نهاية الأسبوع مقارنة بأيام العمل.

وعلى سبيل المثال، كانت معدلات السعادة والرضا عن الحياة أعلى يومَي الاثنين والجمعة مقارنة بالأحد. ومع ذلك، لم تختلف مشاعر الوحدة بشكل ملحوظ بين أيام الأسبوع.

الصحة النفسية وفصول السنة

أما بالنسبة لفصول السنة، فقد أظهرت الدراسة أن الصيف كان الفصل الأفضل للصحة النفسية، حيث انخفضت أعراض الاكتئاب، والقلق، والشعور بالوحدة، وارتفعت معدلات السعادة والرضا عن الحياة مقارنة بفصل الشتاء. ومع ذلك، لم تؤثر الفصول على النمط اليومي للتقلبات في الصحة النفسية.

وأظهرت الدراسة كذلك تحسناً تدريجياً في الصحة النفسية من عام 2020، وهو العام الأول لجائحة كورونا، وحتى عام 2022.

ورغم أن الدراسة قائمة على الملاحظة، ولا يمكنها تحديد السبب والنتيجة، إلا أن الباحثين يقترحون أن التغيرات الفسيولوجية المرتبطة بالساعة البيولوجية قد تفسر هذه التقلبات اليومية.

على سبيل المثال، يصل هرمون “الكورتيزول” إلى ذروته بعد الاستيقاظ مباشرة، وينخفض إلى أدنى مستوياته قبل النوم.

ويُعتبر “الكورتيزول” الهرمون الرئيسي المرتبط بالتوتر والذي تفرزه الغدد الكظرية، إذ يساعد الجسم على التعامل مع المواقف المسببة للتوتر.

كما أشار الباحثون إلى أن الاختلافات بين أيام الأسبوع وعطلة نهاية الأسبوع قد تكون مرتبطة بعوامل سياقية مثل أنشطة الحياة اليومية، والتي تختلف بين أيام العمل والعطلات.

وخلصت الدراسة إلى أن هذه النتائج لها تداعيات مهمة لتقديم الخدمات الصحية وإجراء التقييمات السريرية، إذ يمكن أن تساعد في توجيه توقيت تقديم الدعم النفسي والموارد الصحية، خاصة في الأوقات التي تكون فيها الصحة النفسية في أدنى مستوياتها، مثل منتصف الليل وأيام منتصف الأسبوع وفصل الشتاء.


Source link